بسم الله الرحمن الرحيم
من نعم الله عز وجل التي لا تحصى ماحدث من هطول أمطار متكررة خلال الأسبوعين الماضيين وحتى اليوم على السفوح الشرقية للمرتفعات الجنوبية الغربية ، جرت على أثرها كثير من الأودية والشعاب التي تغذي مصادر وادي تثليث ؛ مما أدرى إلى جريان هذا الوادي مرتين خلال أسبوع ، الجريان الأول كان آخر الأسبوع الماضي وقد توقف سيله بالقرب من أبرق فايز قبل أن يصل إلى طريق رنية - وادي الدواسر وذلك يوم السبت 15 / 5 / 1433 هـ الموافق ليوم 7 إبريل 2012 م ، أما الجريان الثاني فقد كان هذا الأسبوع وقد وصل سيله عصر اليوم الثلاثاء 18 / 5 / 1433هـ الموافق ليوم 10 إبريل 2012 م ، وقد تجاوز برقاء الخشب و من المتوقع - إذا استمر على قوة جريانه كما هو عصر اليوم - أن يقطع طريق رنية - وادي الدواسر صباح غد بإذن الله ، لاسيما أن السيل الأول قد مهد له الطريق ليكون جريانه أسرع ..
خارطة توضح الأماكن المذكورة وخطة سير السيل في الوادي
لمحة تأريخية مناخية لوادي تثليث
كان أعظم جريان لوادي تثليث قد حدث في شهر إبريل من عام 1916م ، إذ جرى هذا الوادي ست ليال وسبعة أيام حسوما وقد بلغت فيه سيوله وادي الدواسر حتى انتهت إلى جبال العارض شرق السليل ، شاقا ما يعترضه من رمال ونخيل وبيوت، ولم يكن على الوادي مطر إذ ذاك ، وإنما كان على المرتفعات الشرقية من جبال عسير ، ولذلك فقد ظن أهل الوادي أول وهلة عندما أصبحوا ووجدوا ذلك السيل مستقبل واديهم وعلى مشارف نخيلهم أن مصدره البحر الذي ( فجره الكفار عليهم !) ،ولم يصدقوا أنه سيل منقول إلا بعد أن أرسلوا فرسانهم ليستقبلوه ويتذوقوا طعمه ! ..
وسمي ذلك سيل بسيل (زقاف )، إذ كان من شأنه أنه خلف أضرارا كبيرة وخسائر فادحة في الأنفس والأموال، حتى إن هناك برقاء جنوب غرب وادي الدواسر تسمى (برقاء الخشب ) ؛ لكثرة ما يوجد في أعلاها من أخشاب الأثل وجذوع النخل التي جلبها السيل معه من تثليث كما يتضح ذلك في هاتين الصورتين بالقرب من برقاء الخشب ، حيث يظهر فيهابقايا الأخشاب وكرب النخل على ضفاف الوادي، وكنت قد قمت بتصويرها قبل أشهر إذ كنت أنوي أن أكتب تحقيقا لتلك الحادثة ، غير أن وادي تثليث أنجز وعده ، فجاء بسيله قبل أن أنجز موضوعي ! ..
وقد سجل حادثة هذا السيل المستشرق هاري سانت جون فيلبي في كتابه ( قلب الجزيرة العربية ) ف، وذلك عندما زار الوادي بعد هذه الحادثة بعام ، فقد ذكر فيلبي أن السيل راح ضحيته 150 من البشر ، و450 من الإبل ، وعدد لايحصى من الأغنام ، ودفن عددا كبيرا من الآبار ، وأزال قرية الحنابجة عن الوجود ، وكان من آثاره الإيجابية زيادة منسوب المياه في الآبار وتحسن جودتها في الوادي ، أما أغرب آثار السيل التي ذكرها فيلبي فهو ظهور نبات الخروع الذي لم يكن معروفا في الوادي من قبل ، ولعله نما من بذور وشتلات أتى بها السيل من مرتفعات عسير . ( قلب الجزيرة العربية ، الجزء الثاني : ص 277 ، 278 )
كما أود أن أشير إلى أن وادي تثليث قد جرى مرات عديدة في السنوات الأخيرة ، كان آخرها في سنة 1427هـ .
___________________
نأتي إلى مشاهد السيل عصر اليوم وهو يخترق بُرق جرير ..