الحياة الفطرية عند العرب بين تاريخ مشرق وواقع مظلم ... محمد الشاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
في هذا الموضوع سأتطرق لبعض المواقف التاريخية وبعض القصائد العربية التي تدل على أن العرب أمة متحضرة منذ فجر التاريخ وحتى في عصر ما قبل الإسلام في ميدان الحفاظ على الحياة الفطرية
هذه النماذج المشرقة التي سأتطرق إليها هي جزء من عدد كبير من النماذج المشرقة التي يزخر بها تاريخ العرب في هذا الميدان والذي قلبنا له ظهر المجن في هذا الزمن الذي طغى فيه التخلف على كثير منا في الحفاظ على بيئتنا بكل صورها وأشكالها
وها أنا أزعم أن العرب هي أقدم أمة حافظت على الحياة الفطرية وأعلن التحدي للغرب بكل هيئاته ومنظماته أن يأتوا من تاريخ حضاراتهم بمثل ما في تاريخنا من الحفاظ على البئية والحياة الفطرية
تاريخنا في الوعي البيئي والفطري يمتد لمئات السنين بينما لا يتجاوز وعي الغرب لأكثر من عشرات السنين .
سأعترف بعد هذه المقدمة أن الغرب تفوق علينا اليوم وتجاوزنا بمراحل كثيرة في الحفاظ على الحياة الفطرية حين خرج من بيننا من يدمر البيئة والحياة الفطرية في بلادنا ويدمر معها تاريخاً ناصع البياض .
العرب وقصب السبق
ألف العرب كثيرا من الكثب في وصف الحيوانات ومن أشهرها كتاب الحيوان للجاحظ كما وضعوا أسماء كثيرة لها وأوصافاً عديدة
حتى ذكر ابن خالويه قرابة مائة وخمسين اسما ووصفا للأسد
أفلا يدل هذا على أننا الأمة الأرقى في هذا المضمار ؟
نماذج مشرقة
( 1 )
الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك وقصته مع الأسود
ذكر البلاذري في كتابه القيم : البلدان وفتوحها وأحكامها قصة استوقفتني كثيرا
وهي كما يلي :
( قال أبو النعمان الأنطاكي: كان الطريق فيما بين أنطاكية والمصيصة مسبعة
يعترض للناس فيها الأسد، فلما كان الوليد بن عبد الملك شكى ذلك إليه، فوجه
أربعة آلاف جاموسة وجاموس فنفع الله بها.
وكان محمد بن القاسم الثقفي عامل الحجاج على السند بعث منها بألوف جواميس،
فبعث الحجاج إلى الوليد منها بما بعث من الأربعة آلاف، وألقى باقيها في آجام كسكر ) .
هذه القصة نموذج مشرق من تاريخنا يجب على المهتمين بالحياة الفطرية في كل مكان أن يقفوا احتراماً وإجلالاً لها .
إذ كان بإمكان الوليد بن عبدالملك وهو الخليفة الأموي المشهور الذي تسير بأمره الجيوش الجرارة والقوات الكبيرة أن يأمر بقتل هذه الأسود وإبادتها
ولكنه لم يفكر في ذلك لأنه رجل واعي نشأ في بيئة واعية تقدر الحياة الفطرية بكل ألوانها
ولهذا فإن الحل الأمثل في مثل هذا الوضع أن يجلب لها القوت الذي تقتات عليه في غاباتها دون الحاجة لمهاجمة المسافرين بدافع الجوع
لقد أمر الوليد أن تجلب الجواميس للأسود من بلاد الهند والسند رغم مافي ذلك من المشقة الكبيرة من أجل المحافظة على الحياة الفطرية .
وهنا يجب أن أقول لمن يشتكون من مهاجمة الذئاب لأغنامهم إن السبب في مهاجمتها لأغنامكم هم أولئك الذين قضوا على طرائدها الطبيعية في البرية
وأبادوا كل مايدب على الأرض مما تتغذى عليه هذه الحيوانات .. وبما أن الغذاء سبب بقائها فلا بد لهذه الذئاب أن تبحث عنه في أي مكان .
فهل نكون منصفين حتى مع هذه الحيوانات المفترسة ونعترف بأننا السبب في مجيئها إلينا ومهاجمتها لنا ... وقديما قيل في المثل العربي : على نفسها جنت براقش .
( 2 )
القتال الكلابي وقصته مع النمر
كان القتال الكلابي أصاب دماً، فطلب به، فهرب إلى جبل يقال له عماية ( وهي مايسمى حصاة قحطان الآن )
فأقام في شعب من شعابه، وكان يأوي إلى ذلك الشعب نمر، فراح إليه كعادته، فلما رأى القتال كشر عن
أنيابه، ودلع لسانه فجرد القتال سيفه من جفنه، فرد النمر لسانه، فشام القتال سيفه ، فربض
بإزائه، وأخرج براثنه، فسل القتال سهامه من كنانته ، فضرب بيده وزأر، فأوتر القتال قوسه،
وأنبض وترها ، فسكن النمر وألفه.
فقال ابن الكلبي في هذا الخبر، ووافقه عمر بن شبة في روايته:
كان النمر يصطاد الأروى ، فيجيء بما يصطاده، فيلقيه بين يدي القتال، فيأخذ منه ما
يقوته ، ويلقي الباقي للنمر فيأكله، وكان القتال يخرج إلى الوحش فيرمي بنبله ، فيصيب منه الشيء بعد الشيء، فيأتي به الكهف، فيأخذ لقوته بعضه، ويلقي الباقي للنمر.
وكان القتال إذا ورد الماء قام عليه النمر حتى يشرب، ثم يتنحى القتال عنه ويرد النمر، فيقوم عليه القتال حتى يشرب
فقال القتال في ذلك من قصيدة له :
ولي صاحب في الغار يعدل صاحباً == أبا الجون إلا أنه لا يعلل
كلانا عدو لا يرى في عدوه == مهزاً وكل في العداوة مجمل
إذا ما التقينا كان أنس حديثنا == صماتاً وطرف كالمعابل أطحل
لنا مورد قلت بأرض مضلة == شريعتنا: لأينا جاء أول
تضمنت الأروى لنا بشوائنا == كلانا له منها شديف مخردل
فأغلبه في صنعة الزاد إنني == أميط الأذى عنه وما إن يهلل
( أبو الجون: صديق كان يأنس به، فشبهه به )
وقيل إن هذه الصحبة بين القتال الكلابي والنمر استمرت عشر سنين في هذا الجبل
ولما أراد القتال أن يغادر إلى أهله منعه النمر من ذلك واعترض طريقه لشدة ألفته له وحزنه على فراقه .
( 3 )
أليف الذئب
وهذا الشاعر عبيد بن أيوب العنبري الملقب ( أليف الذيب ) صحب الوحش في الفلاة والجن والغول والحيات ..
ويقول :
وهذا الراغب الأصفاني يضع باباً بعنوان ( من ألفته السباع والمفاوز ) في كتابه محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء نقتطف منه بعض تلك الأبيات الرائعة :
يقول الشاعر الجاهلي تأبط شراً:
أبيت بمغنى الوحش حتى ألفته == وتصبح لا يحمي لها الدهر مرتعا
وأما أبو تمام فإنه يصف شخصا بكثرة جلوسه مع السباع فيقول :
الأخ الغالي محمد الشاوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكور على الموضوع الجميل والرائع
و
و
و
مع الاسف الحياة الفطرية تحتضر
بسبب التصرفات الغير مسئوله
التقصير مشترك
بين عدة جهات
الهيئة الوطنية لحماية البيئة - حيث انهم ركزوا على المحميات والمحافظة عليها دون نشر الوعي البيئي
وزارة الداخلية - وكثرة التصاريح للاسلحة ،، فعندما كان الناس يتعاملون بالاسلحة البدائية لم يكن هناك معاناة من الصيد الجائر
الاعلام والصحف - وتقصيرها في الترغيب والترهييب من الصيد الجائر
التعليم - تثقيف المعلمين لينقلوا للمتعلمين
واخيرا
من امن العقوبة اساء الادب !!!