أعزائي أعضاء وزوار منتدى الرحلات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا جزء من رحلة قمت بها ( لوحدي) كان القصد منها هو تتبع طريق رحلة الرحالة هوبير خلال زيارته لجبل المسمى عام 1880م كان الجزء المطلوب هو نقطة التقاء جبال المسمى بجبل العوجاء ، الجبلان يحملان اسماً عاماً هو جبل المسمى ولكن كل قمة في المسمى تحمل اسماً خاصاً بها. ونظراً للتشويش الذي حصل لدي في هذه النقطة ( يدخل) من ضمن التشويش الترجمة الركيكة للمترجم الذي أوقعني في الكثير من الحيرة والتساؤل فقد عزمت على زيارة النقطة التي يلتقي فيه الجبلان وهل هناك ممر عبر هذه النقطة.
صورة التقطتها قبل يوم من الحادثة من الأعلى للمنطقة والسهم يشير إلى تل صغير غرزت السيارة تحته... واتجاه التصوير شرقي .
صورة مقربة للتل الصغير والسهم يشير إلى مكان تورط السيارة
كنت متحمساً لزيارة هذه النقطة وعبورها ، وبالفعل فقد وصلتها من الجهة الغربية ولم أتمكن من النزول (عكس طريق هوبير) ولذا فقد قررت الالتفاف حول الجبل والوقوف على النقطة ومحاولة عبورها.
وفي عصر يوم الجمعة الموافق 15-3-2013م كنت قد دخلت الفج الفاصل بين المسمى والعوجاء متجهاً غرباً بأسرع ما يمكنني. كانت الشمس قد أوشكت على المغيب عندما صعدت إلى هذه الرمال المنقولة من النفود وتقع على الجهة الشرقية من جبل المسمى ... حيث ارتفعت حرارة محرك سيارتي وتوقفت عكس اتجاهي (باتجاه الرياح الشرقية ) لمحاولة الحد من تسارع ارتفاع الحرارة... واضطررت إلى الصبر رغم ضيق الوقت حتى تبرد ومن ثم فتحت غطاء مبرد الماء (الرادييتر) واكتشفت ان الماء قد نقص وهو ما أدى إلى ارتفاع حرارة المحرك....
حين نزلت من السيارة اكتشفت ان جزءاً من ماء الشرب قد تسرب حيث كان المحبس مفتوح بفعل شجرة ربماء.
واصلت طريقي باتجاه الغرب بحثاً عن أثر هوبير حينما تغطت الشمس كلياً خلف الجبل
مؤشر الوقود يعطي قراءة أنه لم يتبق إلا ربع الخزان وهذا مؤشر مقلق جعلني أتردد في مواصلة الدخول عبر الفج باتجاه الغرب فالنقطة تبعد عني من هنا أكثر من 11 كم.
وصلت إلى نهاية الفج وعلى يميني طرف جبل العوجا ( كما ذكره هوبير ) وبالمناسبة الآن هو يحمل اسم الصحية وبالاتجاه نحو هذا التل الذي يظهر أمامي في الصورة وسط الفج اكتشفت النقش ...
هذا النقش ذكره هوبير في رحلته حيث أنه ذكر أنه عثر على نقش كوفي في المنطقة بين المسمى والعوجاء
لدى محاولتي الالتفاف حول الرضمة الصغيرة تعلقت سيارتي بهذا الشكل... الصورة في بداية المشكلة ولم أكن أتوقع أنني سأبقى أكثر من ربع أو نصف ساعة ....
كانت السيارة مائلة إلى الأمام .. وإلى اليسار مما جعل المشكلة تتفاقم أكثر
غابت الشمس ولم أتحرك من مكاني ... المشكلة عندي كانت أنني حاولت إخراج السيارة إلى الأمام يساراً عن طريق الزحزحة الخفيفة ولكن كان هذا خطأً كبيراً.
شاهدت غطاء الكبوت ارتفع فقد كنت وبدون قصد اصطدم بالصخرة مما هشم الصدام والشبك وغطاء الكبوت وهكذا قررت النوم في مكاني محاولاً تجديد نشاطي الفكري والبدني ... وبمزيد من التفكير والتخطيط قررت أن أواصل العمل على اخراج السيارة بعد طلوع شمس الغد (السبت)
انبلج نور الفجر ومعه اكتشفت أنني لم أغلق صنبور الماء مما جعلني أشعر بالتوتر خوفاً من نفاد الماء ... فقد كنت أخشى أن أجلس أكثر من يوم في مكاني
الجهة الجنوبية من مكاني حيث جبل المسمى
أما الجهة الشمالية فجبل الصحية ويفصلنا عنه كثيب كبير من الرمال على شكل لسان جمعته الرياح عبر معبر المزيلقة.
بعض الأشكال الغريبة بجبل الصحية .....
صورة لبعض الصخور والرضم بقرب السيارة وفتحة داخل الصخرة
**
أشرقت الشمس وألقت بأشعتها على سفوح جبال المسمى إلى الغرب من مكاني
الخطوة الأهم كانت هي تحريك السيارة وإخراجها للخلف وهو عكس ما فعلته ليلة البارحة ولكن هذا يتطلب نقل الرمال خلف السيارة وهنا استراحة بعدما نزلت جزءاً منها.
هذه العجلة تدور في الهواء والأخرى متوقفة ... فكان لزاماً علي أن أعمل توازن بين العجلتين بوضع بعض الرضم تحت هذه العجلة حتى تتزحزح السيارة
الحمد لله لقد تحركت السيارة بقدر عشرين سم وهذا كافياً لخروجها نهائياً وبطريقة التكرار مع النزول والحفر خلف السيارة وإزالة الرمال ....
حينما تحركت السيارة اكتشفت الأضرار في جسم السيارة ... شاهد الصورة ..
الصدام ، الشبك وغطاء الكبوت كانت تضرب بالصخرة.
صورة لعملية الخروج البطيئة
أنا الآن أقف فوق الكثيب وتظهر السيارة تحتي
أثر السيارة وكيف أنها انزاحت بثقلها إلى حافة الجبل
صورة توضيحية أكثر
ولعل هذه الصورة تبين وتوضح مقدار تورط السيارة وتعلقها مع مشاهدة أثرها وكيف انزاحت إلى الأسفل بطريقة لم يكن لي فيها أي نوع من التحكم ...
خرجت السيارة ولله الحمد وهذه آثارها .... كم هي لحظات جميلة
شاهد الزحزحة على صفحة الرمال التي حصلت وكم بينها وكم عددها !!!
صورة لمكان العجلات الخلفية
هناك صخرتين قرب الشجرة الصغيرة اقتلعتهما بصعوبة ...
الصخرتان الكبيرتان خلف المسحات
بعد الخروج اتجهت شمالاً إلى هجرة صغيرة تسمى الخليقة حيث دعاني أحد سكان هذه الهجرة عبر جهاز النداء اللاسلكي .. الأخ عطاالله الشمري وهو الوحيد الذي هب محاولاً اسعافي ومساعدتي، والجميل أنه في هذه النقطة تقريباً يمكنك التقاط إشارة الجوال.
هجرة الخليقة وخلفها النفود الكبير وتقع عند نقطة التقاء رأس المسمى الشمالي بالنفود الكبير
رجعت خلال طريق حبران إلى طريق حائل العلا وواجهت عاصفة ترابية شديدة وهذه صور للجو المتوتر بعدما تجاوزت حبران والمحفر
الغبار والعواصف حعلني أبدو هكذا ... ههههههه
من مذكراتي الخاصة عن التغريزة:
مقتطفات من التغريزة.
خربت الثلاجة نتيجة ميلان السيارة بدرجة كبيرة(35) وهي تشتغل وهذا سبب لي قلقاً. الماء وجدته الفجر ينقط واكتشفت اني لم اغلقته بشكل صحيح وفقدت جزءاً منه مما بعث اليأس في نفسي واكتشفت ذلك الفجر. سمعت عواء الذئب حوالي اذان العشاء... لأول مرة أحضر جهاز اللاسلكي واستخدمته متواصلآ مع سكان المنطقة الذين لم يخدمني منهم أحد خلال الليل، ولكن في الفجر التقط الأخ عطاالله الشمري إشارة جهازي على بعد 14 كم وهب لمساعدتي، ولكني خرجت من المكان قبل وصوله. كان الخوف عندي أنه لن يعثر علي احد إذ تبعد عني الخطوط المأثورة عشرة كيلومترات ويتوجب علي السير وسط الجبال الموحشة والتي لاتخلو من الذئاب وكنت في غاية الحذر من الإقدام على هذه الخطوة التي اعتبرها انتحاراً... ولذا وضعتها كحل أخير. كنت مشغولا لاجل أهلي الذين لايعلمون عني شيئاً. ندمت عندما لم آخذ معي جهاز الثريا، ولو كان معي جوال الثريا، كنت اتصلت على بعض الإخوة رغم بعد المسافة. وندمت عندما ذهبت لوحدي إلى هذا الشق الجبلي وفي هذا التوقيت بالذات وهو نهاية النهار. فراشي وسط السيارة أصبح مائلاً بدرجة 35 تقريباً ولم أنم بالليل جيداً. أكثرت من الدعاء والتضرع إلى الله أن ينجيني من هذه الورطة وأحمد الله على ذلك. لم أكن جائعاً بل عطشت بشكل عجيب وخاصة في بداية الورطة وبدأت بشرب كميات كبيرة من المياه نظراً للجهد البدني في إزاحة التراب. غطاء المحرك (الكبوت) طاله بعض الاضرار وكان مفتوح حتى وصلت موقق حيث اغلقه لي سمكري بصناعية موقق على بعد 60 كم قبل حائل.