رحلة إلى قدير المسمى (تتبع واستكشاف لرحلة شارل هوبير Charles Huber 1880)
بسم الله الرحمن الرحيم
أعزائي أعضاء وزوار منتدى الرحلات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب شارل هوبير Charles Huber في كتابه رحلة في الجزيرة العربية الوسطى مايلي:
في اليوم التالي، قادتني مسيرة أربع ساعات إلى حدود النفود وبعد 4 كيلومترات أخرى وصلت إلى بئر المريد المسورة والبالغ عمقها 15 متراً وقطرها 1.20 متر. الماء فيها شديد المرارة ومالح ولايمكن استعماله إلا لسقي المواشي. على مسافة عشرة كيلومترات إلى الجنوب-الشرقي من المريد يقع جبل الحاب El Hab الصغير وعلى مسافة مماثلة إلى الجنوب- الغربي يقع جبل عريق Ouraik والجبلان من الغرانيت الأحمر الداكن. لدى مغادرتنا المريد بعد توقف دام ساعة، سرنا أربع ساعات في الصحراء التي تفصل هذه البئر عن جبلي المسما والعوجا ثم خيمنا فيها عند غروب الشمس. هذه الصحراء التي يبرز فيها الصخر العاري باستمرار هي سهل مستو، رتيب والنباتات فيه نادرة. في 4 تشرين الثاني انطلقت قبل الفجر ووصلت بعد مسيرة خمس ساعات إلى الرأس الجنوبي لجبل العوجا الذي يلتحم به فوراً الجزء الشمالي من جبل مسما Misma . الجبلان خارج النفود ومكونان من الحث، اتجاههما المماثل إلى حد بعيد لاتجاه جبل أجا هو شمالي - شرقي إلى جنوبي - غربي. في المكان الذي بلغت فيه جبل مسما عثرت على نقش كوفي صغير، وفي الجزء الجنوبي حيث غدير رأيت أحد عشر نقشاً حميرياً فنسختها. من قاعدة جبل مسما تمكنت من رؤية جبل حبران برهة من الزمن وسجلته. وبعد استراحة دامت ثلاث ساعات عند غدير مسما، تابعنا طريقنا مجتازين الجبل وقد سهل عبورنا كثيب عال من رمال النفود التي رمتها الرياح الغربية عليه. وبعد ثلاث ساعات ونصف من السير خيمنا في الصحراء الحجرة الممتدة بين جبلي خنلوة Khenlouah ومسما والمماثلة للصحراء الواقعة بين الجبل الأخير وبئر المريد El Mereid .
---
Charles Huber
VOYAGE
DANS
L'ARABIE CENTRALE
HAMAD, SHAMMAR, QACIM, HEDJAZ
1878-1882
لقد أوردت النص كما كتب ولكن هناك بعض الأسماء الغير صحيحة فبحسب سكان المنطقة وحسب الخرائط الرسمية أن الإسم الصحيح هو كالتالي: المريد = المرير الحاب = الجعب عريق = وريك خنلوة = خنذوة
بداية: هذه المشاركة هي حلقة من سلسلة تتبع طريق الرحالة الفرنسي شارل هوبير في رحلته الأولى بين عامي1879 -1880م، وكنت قد توقفت عند آبار العبيسة التي زارها في 2-11-1880م . ثم واصل رحلته إلى آبار المرير التي زارها في3-11-1880م حيث واصل رحلته متجهاً إلى تيماء, وهذه الرحلة خاصة لتحقيق موقع ذكره الرحالة الفرنسي واسمه قدير المسمى. واجهت صعوبة في إيجاد قدير المسمى بسببين أولهما أن هوبير ذكر القدير (حسب الترجمة) بـ غدير والثانية أنني واجهت صعوبة في إيجاد جبل العوجا، فحسب الخرائط التي بحوزتي لم تذكر أي خريطة اسم جبل العوجاء ... وهنا يجب أن أذكر صاحب الفضل في ذلك وهو الشيخ خلف العنزي، أحد سكان قرية ساحوت (تقع خلف جبل المسمى من الشمال الغربي) الذي ذكر لي أنه لايذكر شيئاً اسمه غدير المسمى وإنما يذكر قدير المسمى وهو عبارة عن حوض مائي لاتصله السيارات بل يتوجب الوصول إليه صعود شق جبلي جنوب جبل العوجاء وذكر أنه في شبابه كان يجلب الماء للإبل عن طريق حمل الماء في القرب.
في يوم الجمعة 2-4-1434هـ الموافق الموافق 15-3-2013م كانت لي زيارة للمنطقة وقد صحبني الأخ مهدي بن سليمان العنزي وهو من سكان قرية ساحوت وأحد موظفي مركز ساحوت والذي أبدى استعداداً لمساعدتي لزيارة (القدير) وأخبرني أنه لم تطأ قدمه القدير وإنما سنذهب بناءاً على وصف والده... وبالفعل فقد انطلقنا إلى قدير المسمى الذي يقع بالقرب منه المعبر.
صورة فضائية من قوقل وتبين المواقع التي ذكرت في رحلة شارل هوبير ومن خلال هذه الصورة يظهر لنا ثلاثة معابر لجبل المسمى وهي: 1- معبر العوجاء وهو مانحن بصدد تحقيقه الآن. 2- معبر الاعيرضية. 3- معبر الكيود قرب بئر المذيبح.
ولست أعلم لماذا اختار هوبير المعبر الأبعد ؟!
صورة تبين معبر المسمى سجلت بعض الملاحظات والاستنتاجات على الصورة
نبدأ من بئر المرير صورة من ارشيفي لبئر المرير وتظهر الصورة جبلي وريك يميناً (10كم) والجعب يساراً (7كم) ويبعدان عن بعضهما حوالي (4كم) في الصورة تظهر كومة من الرمل تم إخراجها من البئر حيث بدا لنا أنه تم تجديده وإغلاقه لحفظه من الرمال.
... كما شاهدتها هذه السنة وقد فُتح بابها وتسنى لي قياس عمق الماء الذي ظهر
أول صورة لطي البئر فقد زرتها أكثر من مرة وكانت في السابق مغلقة وقد تم قياس عمق الماء في البئر فظهر لنا العمق 21.5 متراً.
صور للمنطقة بين المرير والمسمى... **
**
**
**
وصولاً إلى قدير المسمى مباشرة, كان يتوجب علينا زيارته من الناحية الغربية, وبالفعل انطلقنا شمالاً بمحاذات جبل المسمى جاعلينه يميننا ...
الجهة الغربية لجبل المسمى ويظهر كثيب رملي وهو الفاصل بين جبلي المسمى والعوجاء
باءت جميع المحاولات بالفشل لعبور المنفذ نظراً لكثرة الصخور والتي تعيق سير المركبة ... يظهر يسار الصورة طرف جبل المسمى وخلف السيارة رمال النفود الكبير... واتجاه التصوير غربي
صعدنا على الأقدام لمعاينة المعبر وظهر لنا هذا المنظر البديع ... فعلى يميننا جبل المسمى ويسارنا جبل العوجاء .... وأود الإشارة إلى أن اسم هذا الجبل -الايسر- وحسب الخرائط هو جبل الصحية... في آخر الصورة يمكن مشاهدة جبال الفردات (فردة الشموس، فردة أم بريقاء، فريدة النظيم) ... واتجاه التصوير هنا شرقي...
الأخ مهدي العنزي يقف على حافة المعبر
رسومات محفورة على أرضية المعبر التي يقف عليها الأخ مهدي
بعد محاولة العبور الفاشلة رجعنا إلى الشمال للوصول إلى قدير المسمى.... وبمحاذات جبل المسمى ألى اليمين ظهر لنا تل منفصل عن المسمى يسمى (قطعاء الصلبة)
فور توقفنا ظهر أمامنا صخرة بها ثمانية نصوص منقوشة باللغة الثمودية ونسبة وضوحها عالية جداً
محاولة لفصل النقوش فقد حددت أنا ببرنامج الرسام كل نقش على حدة.
النزول إلى بطن الوادي على الأقدام عبر هذا الممر الضيق والخطر... ومن ثم الصعود للقدير ... كانت الاستعدادات معدومة فقد أحضرت معي عصا وعلبة ماء نصف لتر فقط.
أخبرني مهدي أن هذا هو الطريق الوحيد وكذلك طريق الابل وبإمكانك مشاهدة أثر الأقدام على الصخر في الطريق الضيق واصلنا المسير وقد ظهرت لنا الجادة بشكل واضح نظرة إلى الخلف وتظهر الجادة وصورة أكثر وضوحاً لجادة القدير وتظهر آثار خفوف الإبل نزلنا إلى بطن الوادي الذي يمتلئ بالرمل الناعم ومازال أمامنا الكثير ....
هذه الأشجار ليست رمثاً بل شجر الشيح ... والحقيقة أنني لم أر الشيح بهذا الحجم في حياتي وذكر لي مهدي أنه هو الشيح ولم أصدق إلا حينما قطعت غصنا وفركته ثم شممته وكان بالفعل شيحاً.
صورة مقربة لأوراق وزهور الشيح
في بداية الطريق يظهر هذا الكثيب الرملي العالي ولعله هو الكثيب الرملي الذي ذكره هوبير حينما استراح لمدة ثلاث ساعات في القدير
رسومات كثيرة على هذه الصخور المتناثرة على حافة الوادي
نقش واحد فقط ** هذه الشجرة الخضراء اليانعة هي لشجرة التين البري ويسمى محلياً (الكرّي) ثمره صغير وهو الآن في بدايته بدأت الآن عملية الصعود وهي في الحقيقة غير متعبة بقدر مانحن لانعلم هل يوجد فعلاً حوض مائي في الأعلى ؟ وصورة أخرى للوادي
من أعلى الضفة اليسرى صعوداً شاهدنا هذه الأشجار الكثيفة والحشائش وهي لشجرة الطلح كان صعودي في الجهة اليسرى من الوادي أما رفيقي ففضل الصعود من الجهة اليمنى وقد وصل الحوض قبلي وهاهو ينتظرني هذا هو قدير المسمى كما شاهدته أول مرة من أعلى الضفة اليسرى
والآن وصلنا القدير الذي يمتليء تقريباً بالماء ... إذ أنه قبل أقل من شهر هطلت أمطار على المنطقة. صورة تبين حجم القدير وهو عبارة عن حوض مائي 10×5 متراً وقد أخبرني رفيقي أنه عميق وخطر فقد غرق فيه أحد أبناء المنطقة قبل عدة سنوات..
هذا الحوض المائي الذي يحجز مياه الأمطار يحمل عدة أسماء على حسب المنطقة ففي نجد يحمل اسم قلتة و قرو ...
لانعلم عمق الماء نظراً لعدم وجود مقياس ولكن من الصورة يظهر أنه عميق صورة بعدسة مهدي العنزي
صورة بعدسة مهدي للقدير من الأعلى على الضفة اليمنى
في أعلى الوادي وأعلى القدير يوجد هذا الحوض الصغير والضحل
صورة من الأعلى للقدير وصفحة الوادي نقش على إحدى صفحات ضفة الوادي قريبة جداً من حوض القدير
بعض النقوش المنتشرة حول القدير ، بعضها جديد وبعض قديم ، عربية وثمودية وبعضها رسومات محفورة فقط.
نقش متآكل ويظهر عليه القدم.
نقش عربي لم استطع قراءته
ونقش ثمودي غير واضح لقدمه وتعرضه لعوامل التعرية
رسومات تبين حالة قتال باستخدام السيف والحربة
نظرة إلى أسفل الوادي وطريق رجعة
صورة من الأعلى للقدير الذي يقع خلف شجرة الطلح
أسفل منه يوجد حوض طويل وصغير ومليء بالماء
الوصول إليه صعب واكتفيت بتصويره من الأعلى
رفيق الرحلة مهدي راجعاً بعد ان اكتشف الحوض المائي الصغير أعلى القدير
نظرة أخيرة إلى الأعلى
حوض صغير آخر مليء بالما وبقربه حشائش وبعض أشجار الطلح
صورة مقربة للحوض
هكذا يبدو الماء والحقيقة أنني لم أحاول تذوقه خوفاً من التلوث
حشائش كثيرة نبتت في مجرى الوادي الصخري وتعرفت على بعضها فقط مثل الخبيز
بعض النباتات لم أستطع معرفتها ولعلي آت بأسمائها في وقت لاحق بإذن الله
شجرة الطلح هذه تقف في الطريق وكم من الاشواك اخترقت جسمي خلال عبوري من تحتها
صورة مقربة لإحدى النباتات لعل أحد الاخوة يزودنا باسمها ....
في أسفل الوادي الصخري عثرنا على هذا الوعاء الذي يحمل بواسطته الماء ويسمى مروى والمصنوع من المطاط ويبدو أنه قديم جداً
الآن نزلنا من المنحدر الصخري على أرض الوادي الرملية وتظهر في الصورة قمة جبل قطعاء الصلبة ومن خلفها رمال النفود الكبير
وصلنا قرب سيارتنا ولا بد من عبور جادة ضيقة ومرتفعة وذات حافة حادة ... تظهر في الصورة رمال النفود الكبير.
رجعنا إلى السيارة بعد أن قطعنا حوالي ثلاثة كيلومترات مشياً على الأقدام نصفها صعوداً
ورجوعاً إلى المعبر ... كنت متشوقاً لزيارة المعبر من الجهة الشرقية والبحث فيه عن النقش الكوفي وذهبت إليه آخر النهار - لوحدي - بعد أن تركت رفيقي مهدي العنزي ليذهب إلى بيته في ساحوت .... وبالفعل فقد قمت بزيارة خاطفة أسابق الوقت للوصول إلى المعبر من الناحية الأخرى ووصلت إليه قبل الغروب بساعة... والجميل أنني عثرت على ما أريد وهذا كلفني البقاء ليلة كاملة في ذلك المعبر ... سأورد قصة ذلك في موضوع لاحق بإذن الله...
المعبر من الناحية الشرقية ويظهر كميات من الرمال التي رمتها الرياح عبره إلى الناحية الشرقية...
صورة مقربة للمعبر من الأسفل
وسط المعبر وفي قطعة صخرية عثرت على هذا النقش الكوفي القديم الغير منقط ... وقد يكون هو ما ذكره هوبير في رحلته
رسومات أخرى قرب النقش الكوفي
نقش مع بعض الرسومات للذئاب والنعام
رسومات مختلفة تبدو حفرت في أزمان مختلفة قرب النقش الكوفي
وهذا نقش ثمودي واضح...
بقي أن أورد أن لي بعض الملاحظات والوقفات.
تساءلت كيف أن هوبر اتجه من آبار المرير إلى قدير المسمى ؟ وهو يقصد تيماء فطريقه هذا هو عملية التفاف شبه تام على جبل المسمى مع العلم أنه يوجد بالمسمى العديد من المعابر بينتها على صورة قوقل... على العموم يبدو أن هناك سبباً لم يوضح ...
تساءلت عن قوله أنه عبر المسمى بعد أن استراح في القدير ... مع العلم أن القدير يقع في الناحية الثانية بمعنى أنه يجب عليه أنه يعبر المسمى ومن ثم يصل إلى القدير...
أخبرني الأخ مهدي العنزي أن الطريق إلى القدير من الناحية الشرقية صعبة حيث انه وعر جداً.
لمعرفة لماذا اختار هوبير هذا الطريق ، لابد من زيارة أخرى لهذا المعلم الفريد ومن الناحية الشرقية حيث أن الصور الجوية تظهر طريقاً خلال الجبل يتوقف قريب جداً من القدير .
ماشاء الله تبارك الله
لا أدري رغم أنك متخصص في متابعة هوبر
والمنطقة مكرورة
إلا أن مرورك عليها يرينا أشياء لن نراها بدون مجهودك الرائع
ولعلي اذكر احتمالا هنا عن سبب اختياره الطريق
ألا يكون ذلك أثناء رجوعه فيكون العوجا قبل المسمى
بارك الله فيك