قلت :_بسم الله الكريم المنان ،، الرحيم الرحمان ، وعليه التكلان " والصلاة والسلام على خير الثقلان ، نبدأ رحلتنا هذه ، على طريق الحج الكوفي الزبيدي ،، والذي سوف نسبر أغواره ، ونكشف أسراره ماستطعنا إلى ذلك سبيلا ،،
والذي كان مسيرنا عليه مسيرا شاقا ليس بالهين ، وتحقيقنا له تحقيقا بذلنا فيه جهدا وسفرا ،، وسؤال وجواب ،، ومن هنا وهناك ،، حتى خرجنا بهذا التقرير المشاهد
والذي ترونه بين أيديكم ، جهد سنين ماضيات ، بلغن ثمان وعليهن أشهرا ..!
فكانت رحلات ماتعة ،، وجولات رائعة ،، ومسات طويلة ، من سارها فقد مقيله ، وطال بالليل عويله
ولكل رحلة حادث وحديث ، وقصة ورواية ، جمعنا أشتاتها بعد أن شحذنا الهمم ، ورسومها بعد أن تم الكلم ،، وقبل البدايات علينا لزاما تبيان الغايات والمنهج المتبع في هذه الكليمات
كان الهدف هو السير على مسار الطريق للتتبع والسياحة فقط ، ثم تحول إلى رسم مسار الطريق ، و بعد مشاورات مع عباس
، قررنا أن نكتب ما نراه مناسبا و مفيدا من تلك المشاهدات مع " التركيز" على مسار الطريق الرئيسي
لدرب الحج الكوفي (درب زبيدة)
والدرب بحر زاخر بالعجائب ولن يكفيه ما كتب ،، فهناك الكثير من الآثار لم تكتشف ولم يطلع عليها أحد ،، وتكمن الصعوبة في هذا باندثارها واختفائها تحت طبقات الثرى ، ولكن من يكثر المسير على الدرب ، يصاب بالحدس الزبيدي ، فتراه ينصب صبا كجلمود صخر ، على المواضع التي تكون صالحة لموضع بركة أو بريد أو قصر أو لوح صخري خُطت عليه مسافات ودعوات ، أو علم بين الشجرات ، وسوف نسرد في ثنايا هذا المسير الطويل كل مالدينا من كنوز
الدرب يتعرض لخراب ودمار عجيب ،، فمقاومته لعوامل التغيير كل هذه القرون لم تعد صامدة أمام الدمار والتغيير الذي يحصل له الآن خلال عشرات السنين بل في العشر سنوات الأخيرة تغير علي الدرب بشكل كبير ،،
حيث زحفت القرى والمدن على كثير من المواقع فحاصرتها ،، والبويات على الكتابات فطمستها ،، وأهل الثراء على القبور والقصور فنبشتها ، والجرفات على البرك فحفرتها و دمرتها ،، والمزارع فأخضرتها :،،،
- فاصل -
فليت شعـــــــــري هــــــــل أبيت ن ليلة @ بــــــــــــــواد ن فيه بــــركة أو مســـــــاري
وفوق البوريمسُ
كاتم ن فيه يطبخ @ لوحيمة جـــــــوز 2 ن من حمام أو قماري
البدايـــــــــة : من أرض الرافدين ومن بغداد الهوى ، عبر صفحات التاريخ وعـــ@V@ــدسات أقمار قوقل أرض ، شيخ عشائر صور وخرائط الجغرافيين المبجل ،، لنرسم طريق الحج الكوفي والمسمى ((درب زبيدة)) من بدايته في العراق وحتى نهايته في بلد الله الحرام مكة المكرمة ،،
وتبلغ المحطات داخل الأراضي العراقية ثماني عشرة محطة بين خان وبركة ومسجد وموقع وبئر وترتيبها كالآتي ( الكوفة, بركة زبيدة , محطة حمام زبيدة , منارة ام القرون , بير النص , محطة مغيثة , بركة حمد , بركة الحمام , بركة مسيجد , محطة الطلحات , موقع العيد , السجر , آبار اشراف , محطة واقصة , بركة العمية , بركة العُمية ( بضم العين ) , موقع العقبة)
قلت :_وقد ورد ترتيب آخر لها نورده هنا ........ ( 1 ـ بركة زبيدة ( عذيب الهجانات ) . 2 ـ بركة وبئر وقصر أم القرون ( القصر من العهد السلجوقي ) .3 ـ بئر النص .4 ـ بركة وبئر المغيثة .5 ـ بركة حمد .6 ـ بركة وبئر وقصر الحمام .7 ـ بركة مسيجد .8 ـ بركة وبئر الطلحات .9 ـ بركة العمية .10 ـ بركة أبو مسك .11 ـ بركة وآبار شراف .12 ـ بركة وآبار واقصة .13 ـ بئر الشيحي .14 ـ بئر حوارة .15 ـ بئر الصفاوي .16 ـ بئر عيدها 17 ـ سادة البطن .18 ـ حمرة البطن .)
قلت :_وترتيب المواقع يختلف حتى بين القدامى ولكن في المحطات الرئيسية يكون هناك توافق ،، بذلنا جهدنا في تحديدها حسب الوصف المتوفر لنا والمسافات المعطاة لها في بعض المصادر مع الاختلاف الموجود فكان هناك نتائج جيدة وصور واضحة لبعض المواقع والبعض الآخر قريبا منها ،،، فعلا بركة الله نبدأ رحلتنا
_(بغداد)_
_(الفرات)_
_(سورا)_
_(نهرا أبا)_
_(أسفل الفرات)_
"------------------------***------------------------"
"""""""""""""""""""""""""""""
""""""""""""""
"""""""
""
_(الــكـــوفـة)_
الكوفة : بالضم الرملة الحمراء المجتمعة : وقيل : المستديرة أو كل رملة تخالطها حصباء أو الرملة ما كانت . والكوفة : مدينة العراق الكبرى ،، قيل : مصرها سعد بن أبي وقاص ، وكان قبل ذلك منزل نوح ( عليه السلام ) وبنى مسجدها الأعظم ، واختلف في سبب تسميتها ، فقيل : سميت لاستدارتها ، وقيل : بسبب اجتماع الناس بها : وقيل : لكونها كانت رملة حمراء ، أو لاختلاط ترابها بالحصا ، قاله النووي ( 1 ).
ويقال لها أيضا : كوفان بالضم ، نقله النووي في شرح مسلم عن أبي بكر الحازمي الحافظ وغيره ، واقتصروا على الضم ،
وقال اللحياني : كوفان اسم للكوفة ، وبها كانت تدعى قبل
ويقال لها أيضا : كوفة الجند ، لأنه اختطت فيها خطط العرب أيام عثمان وفي العباب أيام عمر . خططها : أي تولى تخطيطها السائب بن الأقرع بن عوف الثقفي وهو الذي شهد فتح نهاوند مع النعمان بن مقرن ، وقد ولي أصبهان ايضا وبها مات وعقبه بها ، ومنه قول عبدة بن الطبيب العبشمي :
إن التي ضربت بيتا مهاجرة **** بكوفة الجند غالت ودها غول
قال ياقوت : ولما بنى عبيد الله بن زياد مسجد الكوفة صعد المنبر وقال: يا أهل الكوفة إني قد بنيت لكم مسجدا لم يبن على وجه الأرض مثله ، وقد أنفقت على كل أسطوانة سبع عشرة مائة ، ولا يهدمه إلا باغ أو حاسد ( 3) .
وروي عن بشر بن عبد الوهاب القرشي مولى بني أمية وكان ينزل دمشق ، وذكر أنه قدر الكوفة فكانت ستة عشر ميلا وثلثي ميل . وذكر أن فيها خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر ، وأربعة وعشرين ألف دار لسائر العرب ، وستة وثلاثين ألف دار لليمن ، والمسافة ما بين الكوفة والمدينة نحو عشرين مرحلة ، وكويفة ، كجهينة موضع بقربها أي الكوفة ، ويضاف لابن عمر لأنه نزلها وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب ، هكذا ذكره الصاغاني .
والصواب ما في اللسان : يقال له : كويفة عمرو وهو عمرو بن قيس من الأزد ، كان أبرويز لما انهزم من بهرام جور نزل به فقراه ، فلما رجع إلى ملكه أقطعه ذلك الموضع (4 ) .
والكوفان بالضم ويفتح عن ابن عباد ، والكوفان والكوفان كهيبان وجلسان ، الرملة المستديرة ، وهو أحد أوجه تسمية الكوفة كوفة كما تقدم . والكوفان : الأمر المستدير ، يقال : ترك القوم في كوفان . نقله الجوهري ( 5 ) . وتكوف الرمل تكوفا وكوفانا بالفتح استدار ، وكذلك الرجل ، وتكوف الرجل تشبه بالكوفيين أو انتسب إليهم أو تعصب لهم وذهب مذهبهم ، ومما يستدرك عليه كوف الشيء نحاه ، وقيل : جمعه ، وكوف القوم أتوا الكوفة ، قال :
إذا ما رأت يوما من الناس راكبا **** يبصر من جيرانها ويكوف
وقال يعقوب : كوف صار إلى الكوفة ( 6) . انتهى . وقال في مختصر الصحاح : الكوفة الرملة الحمراء وبها سميت الكوفة ( 7 ) . وقال في المصباح المنير : الكوفة مدينة مشهورة بالعراق ، قال : سميت الكوفة لاستدارة بنائها لأنه يقال : تكوف القوم إذا اجتمعوا واستداروا ( 8 ) . وفي نهاية ابن الأثير : قال في حديث سعد لما أراد أن يبني الكوفة قال : تكوفوا في هذا الموضع ، أي اجتمعوا فيه ، وبه سميت الكوفة . وقيل : كان اسمها قديما كوفان ( 9) .
الكوفة : هي ثاني مدينة مُصُّرت في الاسلام ، ثم اصبحت من المراكز الزاهرة للعلم والحضارة الاسلامية العربية .وللكوفة تاريخ سياسي وحضاري حافل ، فمنها اتخذ الإمام علي (رضي الله عنه) أول عاصمة عراقية للإسلام
واختلف الباحثون المحدثون في أصل كلمة الكوفة ، وهل هي كلمة عربية أم أنها اعجمية ؟ وكان الأستاذ يعقوب سركيس من بين من قالوا أنها اعجمية . واستنتج الاستاذ المذكور بعد مناقشة للمصادر المختلفة ، بما فيها الكلدانية ، ان الكوفة محرفة عن كلمة (كوبا) الكلدانية . *
*(مباحث عراقية ، ج2 (بغداد ، 1955) ، ص 324 – 325).
أما الأستاذ ماسنيون ، فيرى أن كلمة الكوفة ترجمة لكلمة (عاقولا) بالسريانية . وتعني تلك الكلمة ( دائرة أو حلقة ) في اللغة المذكورة . **
**(ماسينون ، لويس ، خطط الكوفة – ترجمة تقي المصعبي (صيدا ، 1939 ) ص 25 ).
وقد استعرض الدكتور كاظم الجنابي طائفة كبيرة من المصادر الباحثة عن أصل كلمة الكوفة كما ناقش آراء عدد كبير من الكتاب المحدثين ، وتوصل إلى أن الكوفة (بلا شك اسم عربي ) . *
*(تخطيط مدينة الكوفة (بغداد ، 1967) ، ص 13- 14 ).
ويبدو أن الآراء التي أدلى بها الباحثون ممن ذكرنا هنا وممن لم نذكر حول عجمة اسم الكوفة أو عروبته عرضة للمناقشة ، لان اسم الكوفة ، كما يظهر مشتق من شكل لموضعها بغض النظر عمن اطلقه على تلك البقعة العراقية . ومن الأدلة على ذلك :
أولا : أن البلاذري في احدى رواياته ، يقول : أن بعضهم يسمى الأرض التي فيها الحصباء مع الطين والرمل كوفة . ولا شك أن ارض الكوفة حتى يومنا هذا تحتفظ بتلك الصفات التي ربما اتصفت بها قبل أن ينزلها السريان ومن بعدهم العرب . فاسمها والحالة هذه مشتق من سماتها الطبيعية المعروفة قبل قدوم الجماعتين المذكورتين اليها .
ثانيا : أن كلمة (الكـُب ّ) بالضم وتشديد الباء تعني الحمض باللغة العربية * . وتعني كلمة (كوبا) : كب بالسريانية ، شوكة . و (كوبا دكملا) بكاف فارسية ، عاقول وهو النبات الذي تأكله الإبل **.
*(الفيروز ابادي ، القاموس المحيط ، (مادة كبه) ، ج1 ، ص 121 ).
**( سركيس ، المصدر السابق ، ج2 ، ص 325).
وإذا كانت كلمة الكوفة محرفة عن كلمة (كوبا) السريانية فيظهر أن الاسم السرياني المزعوم مأخوذ من نبات ربما كان موجودا بموضع الكوفة قبل أن يطأه السريان ثم العرب من بعدهم ، يضاف إلى ذلك أن ياقوت الحموي عند كلامه عن كوفان التي هي والكوفة عنده شيء واحد كما اسلفنا ، يقول :
(والكوفان الدغل من القصب والخشب ...) * .
*(ياقوت ، المصدر السابق ، ج 7 ، ص 294 - 295 )
ومن المعلوم أن الحمض الذي تآكله الإبل متوفر حتى يومنا هذا بين النجف وكربلاء ، وان الدغل والقصب من النباتات التي تنموا عادة على حافّات الأنهار ومن بينها موضع الكوفة .
ثالثا : أن من معاني كلمة (عاقولا ) الكلدانية : فتله ، عوجة ، لفته ، ومن معانيها بالعربية كما هو معلوم ، منعطف الوادي او النهر . ولذا يكون من المحتمل ان السريان او العرب بعدهم رأوا ذلك المنعطف حين يمر وادي الفرات بموضع الكوفة ، واطلقوا اسم المنعطف على الموضع الذي بنيت فيه الكوفة فيكون اسمها والحالة هذه مأخوذ من انعطاف الوادي المجاور لها ، ولعله أقدم تاريخا من وجود السريان والعرب في الموضع المذكور.
ونستنتج من كل ما سبق أن اسم الكوفة من النبات أو الرمال المخلوطة بالحصباء والطين ، أو من منعطف الوادي التي أشارت المصادر إلى وجودها قبل قدوم السريان وبعدهم العرب إلى موضع
تمصير الكوفة :مصرُّت الكوفة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، اسسها القائد سعد بن ابي وقاص سنة (17 هـ - 638 م ) . ويبدوا ان تاسيسها تم بعد فحص وتدقيق ، وبعد تجربة مواقع اخرى من ارض السواد ، عندما امر الخليفة عمر سعدا ً ( ان يتخذ للمسلمين دار هجرة وقيروانا ) * وان لا يجعل بينه وبينهم بحرا ** اخذ القائد يبحث عن الموضع المطلوب ، فوقع اختياره على الانبار ، ولكنه ما لبث ان تركها لان الذباب آذى من نزلها من العرب . ثم انتقل سعد من الانبار الى موضع اخر فلم يتحقق صلاحه ، وحينئذ اختار موضع الكوفة واختطّ مدينته الجديدة فيه .
*(القيروان : الجماعة من الخيل والقفل ومعظم الكتيبة (الفيروزآبادي ، القاموس ، مادة (القرن)، ج2 ، ص 257 ) .ويبدو أن المقصود الموضع الصالح من الناحية العسكرية ).
**(البلاذري ، المصدر السابق ، ص 274 )
ويظهر من رواية أخرى للبلاذري : أن الخليفة أكد على جودة مناخ الموقع المقترح ، فطلب من سعد ان يرتاد للمسلمين (موضعا عدنا ً ...)*
*(ايضا ص 274)
ويبدو أن الخليفة أكد على توفر الشروط التالية في المحل المقترح :
أولا : أن يكون الموضع صالحا لان يكون محلا للاستيطان ودار هجرة للمسلمين .
ثانيا : أن تكون مستلزمات الدفاع متوفرة فيه .
ثالثا : أن يكون مناخه جيدا .
ويظهر ان سعدا التزم بتطبيق مقترحات الخليفة ما وسعه ذلك ، وحاول سعد أن يستفيد من آهل الخبرة بهذا الخصوص .
روى المسعودي : أن سعدا استشار نفيلة الغساني اثناء بحثه عن موضع المدينة الجديدة ، فقال نفيلة لسعدٍ : (أدلك على ارض ارتفعت عن البر وانحدرت عن الغلاة . فدلّه على موضع الكوفة اليوم )* .
*(مروج الذهب ، ج3 ، (القاهرة ، لا. ت) ، ص 212)
أما ياقوت فيقول : أن سعدا استشار شخصا يعرف بابن بقبلة ، فقال له : ( أدلك على ارض انحدرت عن الفلاة ، وارتفعت عن البقة ، فقال له ، نعم ، فدله (ابن بقبلة) على موضع الكوفة اليوم . *(معجم البلدان ، ج7 ، ص 296-297)
ويقول ياقوت ايضا عند كلامه عن اللسان من ارض العراق : (وكان مقام سعد بالقادسية بعد الفتح بشهرين ، ثم قدم زهرة بن حوية إلى العراق ، واللـّسان لسان البر الذي ادلعه في الريف عليه الكوفة اليوم والحيرة قبل اليوم ... قالوا : ولما أراد سعد تمصير الكوفة أشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب باللـّسان ، وظهر الكوفة يقال له اللسان ... فما كان يلي الفرات منه فهو الملطاط ، وما كان يلي البطن منه فهو النجاف .
قال عدي بن زيد أبياتا جاء فيها ذكر اللسان ، كما فيها إشارة إلى موقع الكوفة منها :
ويـــــــــــح أُم ّ دار ٍ حللنــــــــــــا بهـــــــا *** بيــــــــــــــن الثـُّويـــــــــــــة والمردمـــــــــــــة *
*(ايضا ، ج7 ، ص 328).
ويروي ياقوت بمعرض كلامه عن الكوفة : (المصر المشهور بارض بابل من سواد العراق. ويسميها قوم خدَّ العذراء . . . ) . (ايضا ج7 ، ص 296 ).
وروى عن الإمام علي (عليه السلام ) انه قال : ( ياحبذا مقالنا بالكوفة – ارض سواد ٌ سهلة ٌ معروفة – تعرفها جمالنا العلوفة ) *. (ايضا ج 7 ، ص 299 ) .
أما صلاح موقع الكوفة من الناحية العسكرية ، فيبدوا أن سعدا اعاره طرفا من اهتمامه ، ويبدو أن شروط الدفاع كانت متوفرة في المدينة الجديدة ، لذا سميت كوفة الجند ، روى ياقوت بيتا لأحدهم هذا نصّه :
ان التـــــي وضعــــــت بيتـــاً مهاجرة ً*** بكوفــــــــة الجند غالت ودَّهـــــــــــا غول
يضاف إلى ذلك أن سعدا اخذ بنصح الخليفة فلم يترك بحرا أو نهرا بين مدينته الجديدة وبين الصحراء .
وكان لحفظ الاتصال بالصحراء أهمية كبيرة من الناحية العسكرية ، إذ يستطيع المسلمون عند ظهور ضرورات عسكرية أن ينسحبوا إلى الصحراء على خيولهم وجمالهم ذوات الحركة السريعة بسهولة ويسر .وقد ساعدهم ذلك في مناسبات عديدة خلال حروبهم مع الروم والفرس على النجاح .وقد أشار إلى ذلك فون كريمر الذي قرر أن تمتع الجيوش الإسلامية بسرعة الحركة ، وان استخدام العرب الجمل في حروب الفتح كان من العوامل المساعدة على نجاحهم بتلك الحروب .
ويروى أن محمد بن عمير العطار الذي قال : (الكوفة سفلت عن الشام ووبائها ، وارتفعت عن البصرة وحرُّها فهي مريئة مريعة ، أذا أتتنا الشمال ذهبت مسيرة شهر على مثل رضراض الكافور ، وإذا هبّت الجنوب جائتنا ريح السواد وورده وياسمينه واترنجه ، ماؤنا عذب ، وعيشنا خصب )* . (الحموي ، ياقوت ، المصدر السابق ، ج7 ، ص 298 )
وقال الطبري : ان سعدا حين نزل الكوفة كتب الى عمر : ( اني قد نزلت بكوفة منزلا بين الحيرة والفيرات ، بريا وبحريا ، ينبت الحليّ والنصيّ . . . )* .
*(تاريخ الرسل والملوك ، ج 3 ، (القاهرة ، 1938 ) ، ص 147 ).
= ويبدأ الطريق من مدينة الكوفة .. لأن الثقل السياسي كان مازال كبيرا فيها وهي كما لا يخفى على احد عاصمة آخر الخلفاء الراشدين الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهناك من الباحثين من يرى أنها كانت عاصمة أولى للخلافة العباسية , واقصد منطقة الهاشميات ( في الكوفة ) وليست هاشميات الأنبا التي أقام فيها أبو العباس السفاح والرأي للعلامة مصطفى جواد ( وفيه نظر ) , وكذلك لأن الكوفة تمتدّ حتى آبار العذيب والتي ذكرها وذكر القصر الذي يتاخمها البلاذري في فتوحه الصفحة 245 والصفحة 258 وذكرها الحموي في معجم البلدان المجلد الرابع الصفحة 314 والطبري في تاريخه في مواقع متعددة وهي ماء لبني تميم وأول ما يلقاه الإنسان في البادية كما يقول أبو الفداء في تقويم البلدان الصفحة 79 . ومن ثم يصل هذا الطريق ببادية السماوة التي تفضي إلى بادية نجد ,)