عشرات الشعراء تغنوا بـ"العقيق" أشهر أودية المدينة الدبيسي: اختيار "العقيق" اسما للملتقى لم يأت اعتباطا بل وعياً بـ"الوادي المبارك"
وإيقاظ ا للذاكرة
جانب من فعاليات ملتقى العقيق بالمدينة المنورة العام الماضي
المدينة المنورة: خالد الطويل
لا يمكن لأحد أن يسمع أغنية (دانة) الفنان الراحل محمد علي سندي (على العقيق اجتمعنا.. نحن وسود العيون) إلا وينصرف ذهنه مباشرة إلى وادي العقيق التاريخي الشهير بالمدينة المنورة.
هكذا يرى الدكتور محمد العيد الخطراوي نائب رئيس أدبي المدينة الأسبق وصاحب كتاب "أسرة الوادي المبارك في الميزان" والذي ينتظر تكريمه مساء اليوم الثلاثاء خلال حفل افتتاح فعاليات ملتقى العقيق الثقافي في نسخته الثالثة بفندق المرديان بالمدينة المنورة والذي اختارت له نادي المدينة الأدبي هذا العام محور "المدينة المنورة في كتب الرحالة".
وبدا لافتا أن اللجنة التحضيرية لملتقى العقيق قد حرصت على اختيار مسمى الوادي التاريخي عنواناً لملتقاها السنوي والذي يدعى له سنويا عشرات الباحثين والباحثات من المدينة المنورة وخارجها مدفوعة بالسياق الثقافي والإرث الديني الواسع الذي يحمله مسمى الوادي المبارك كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى فيه.
ويعتبر العقيق والذي لم يعد لمعالمه الجغرافية اليوم ذلك الحضور في ظـل اكتسـاح ثقـافة الأسمنت لكثير منها من أشهر أودية المدينة وبه يقع مطارها.
يقول الخطراوي لـ"الوطن" إنه قد قيلت في عقيق المدينة أشعار كثيرة ورويت عنه أخبار غزيرة، وخصه المتقدمون بمؤلفات منها" أخبار العقيق للزبير بن بكار و"العقيق" لأبي هارون بن ركريا الهجري. كما خصه مؤرخ المدينة السمهودي في تاريخه عن المدينة بفصول.
وقد تغنى به عدد من الشعراء من بينهم الشاعر عبدالسلام بن يوسف الجماهيري الدمشقي والشاعر سعيد بن سليمان المساحقي. واحتل هذا الوادي مساحة واسعة كذلك من شعر الشاعر حسن صيرفي خصوصا في قصيدته الشهيرة من ديوان دموع وكبرياء والتي عنونها بـ"ليالي العقيق":
التقينا..!!
وانتهينا..!!
ونفضنا..؟؟
ما تبقى من يدينا
وبكينا..
ذلك الماضي بيكنا
رحمة الله عليه وعلينا
إلى أن يقول محل الشاهد:
يا ليالي الصيف في عروة في حضن المسيل
والسواني تنعش السمار باللحن العليل..
وينقسم عقيق المدينة المنورة إلى أعقة هي العقيق الأصغر الذي عق عن الحرة أي قطع وفيه تقع بئر رومة التاريخية، وكذلك العقيق الكبير وفيه بئر عروة والعقيق الأكبر وفيه أيضا بئر تاريخية وهو في بلاد مزينة أقطعه رسـول الله صـلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني ثم أقطعه عمر بن الخطاب الناس.
ويرجع الخطراوي في كتابه "أسرة الوادي المبارك في الميزان" تاريخ أسرة الوادي المبارك المدينية والتي كانت تحيي لياليها على ضفاف ذلك الوادي البهي إلى تاريخ 1371هـ-1395هـ حيث خصص لمنجزاتها في كتابه فصلا خاصاً أورد فيه أسماء أعضائها المؤسسين وفهارس بمؤلفاتهم.
ويقول الخطراوي إن الأعضاء المؤسسين كانوا ثلاثة هم: حسن مصطفى صيرفي ومحمد هاشم رشيد، ومحمد العامر الرميح.
وعن سبب اختيار العقيق عنوانا لملتقى نادي المدينة المنورة قال نائب رئيس أدبي المدينة محمد الدبيسي لـ"الوطن": اختيار العنوان لم يأت اعتباطا بل وعيا بالعقيق "الوادي المبارك" ومكانته في تاريخ وثقافة المدينة المنورة وكونه معلما من أهم معالمها وواديا ذاعت شهرته في كتب الحديث والسنة وفي مدونات المؤرخين وسير الأدباء والشعراء ولذلك فإن اختيار العقيق كعنوان للملتقى واسم له – بحسب الدبيسي - فيه استعادة لهذه القيمة الرمزية وتعويل عليها وكذلك إيقاظ للذاكرة الثقافية وإعادة اعتبار وإشهار للعقيق كمحفل ثقافي وأدبي زاخر انطوى على العديد من الحكايات والأشعار والقضايا التي تشكل جانبا مهما من ميراثنا الثقافي. وأزعم أن ذلك أيضا – بحسب الدبيسي - تواصل بين حاضر المدينة الطاهرة وماضيها وتاريخها المزدهر.
وأضاف الدبيسي أن الفكرة النظرية لملتقى العقيق قدمت إلى مجلس الإدارة السابق برئاسة الدكتور عبدالله عبدالرحيم عسيلان وجرى نقاشه والحوار حولها وإقراره ومن ثم رفعه لوزارة الثقافة والإعلام لأخذ الموافقة النهائية عليه ومن ثم نفذت أولى دورات الملتقى في العام الهجري 1428هـ تحت عنوان "عبدالقدوس الأنصاري وإسهاماته العلمية والثقافية".
وينتظر أن يشهد الملتقى معرضا تقيمه مؤسسة دار التراث يقدم صورا عن المدينة المنورة في كتب الرحلات.