الاخوة الأعزاء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة أحببت أن أفتح نافذة صغيرة على عالم المرأة الثمودية محاولين استنطاق الحجر واستكمال المشهد اليومي لذلك المجتمع الذي ساد ثم باد مخلفا ورائه بصيصا من الضوء - وكأنه أحجية نحاول حلها - تمثل بما تركته تلك الأنثى من صور ونقوش على صفحات الزمن لتعبر من خلالها عن كينونتها الكبرى .....
فمرأة ذلك الزمن كانت تسطيع الكتابة والقراءة لتعبر عن ذاتها كالرجل تماما ، وكانت تتمتع بحرية مكنتها من التعبير عن مكنونات النفس لتبوح بها للقاصي والداني معبرة عن شوقها وحبها للرجل الذي طال توقها إليه والذي باعد بينهما طلب الرزق والكلأ ، وحينما يلتقيان يبدو لنا مشهدا اكثر تحررا يتمثل بالرقص والفرح بلقاء الزوج الحبيب والعشيق الذي طالت غيبته
المشهد الأول
نحن أمام مجتمع قلة قيوده الاجتماعية والدينية فزادت مساحة الحرية للمرأة الثمودية حتى أضحى الرقص من ديدنها ، ومراقصة المرأة للرجل وفق طقوس وحركات محددة بادوات مخصصة دليل على تجذر هذا المسلك لدى امرأة ذلك الزمان ومؤشر على مدى الحرية والاستقلال التي تتمتع به . بل انها زادت على ذلك بأن مهرت تلك المشاهد باسمها الصريح أو على الأقل بأن ثقافة ذلك المجتمع كانت تسمح بذلك وتقره ....
المشهد الثاني
أما هذه فهي (ودعة ) التي تبث اشواقها وتحياتها الى الحبيب الغائب ( بخيت ) وهي بكتابتها ونقشها هذا ترفع صوتها عاليا معلنة علاقتها الصريحة بالمحبوب الغائب والذي لا تملك خلال غيبته إلا الكتابة لتعزي نفسها وتقطع الوقت ليبقى نقشها عبر الزمن معلنا بقاء تلك الخلجات وفناء الجسد
وهذه نموذج آخر : المرأة (صلبة ) تنقش اسمها بجانب اسم الحبيب الرجل (حاسد ) أو حسد وكأنهما يعلنان تعاهدهما بهذا العقد( النقش ) على تلازمهما واتحادهما روحيا وجسديا كاتحاد الصخرة التي كتبا اسميهما عليها ، ولكن عاديات الزمن لم تبقي لنا إلا رمسيهما ...
وهاهي (صلبة )تدون اسمها من جديد مع مجموعة من الكتاب مختلفي المشارب فمنهم من يثبت ملكيته ومنهم من يدعو على من ظلمه ومنهم من يبث اشواقه للاحبة ومنهم من يكتب للذكرى .... وكانهم (يغردون )على صفحة من صفحات التاريخ مستغلين هذه المساحة الصخرية للكتابة، لتعلن أن هذه النقوش والخربشات ماهي إلا جبل الجليد وما تخفي قلوبهم وضمائرهم أعظم
المشهد الثالث
أما هذه الفتاة (شبكة) فهي في وضع مغاير فهي لا تملك إلا ان تدعو على (فدي )الذي ظلمها فهي تطلب من الالهة رضو أن ينصفها ، وما اكثر نقوش الادعية التي ترنوا إلى العدل السماوي بعد ان ساد ظلم البشر الأرضي
وهذ شخص آخر ولعله من دون اسمه بـ (عبدالله) يرسل تحاياه إلى (كثبة ) ويبدو أنها في مكان قصي عنه فهو يرسل وده وتحيته الىيها بلغة مهذبة تنبئ عن أن الاعلان عن اسم المحبوبة شائع بين القوم ......
وهذا شاب آخر اسمه (صقر ) يبث تحاياه ووده إلى (عبدة ) ، لنصل مع هذه التغريدة الاخيرة الى أن المرأة الثمودية كانت تتمتع بشئ من الاستقلال ومضاهات رجل تلك الحقبة من التاريخ
(وكل عام والمرأة في ازدهار )
والى لقاء قريب